[color=darkred][/colorشهدت السنوات الأخيرة من القرن الماضي وحتى حاضرنا إزدهاراً ملحوظاً في تطور صناعة السياحة على مستوى العالم، إذ بلغ عدد السياح حوالي 700 مليون سائح عام 2004 والذي سيصل إلى ثلاثة أضعاف عام 2020. من جهة ثانية شهد العالم قيام مشاريع سياحية عملاقة تنوعت أشكالها بتنوع أنماط السياحة وطبيعة مواقعها، رافقها استثمارات هائلة في البنية التحتية والفوقية لتسهيل قيام صناعة سياحة متطورة ومستدامة.
إن هذا التوجه يؤكد قناعة الحكومات بأن السياحة مصدر دخل لا ينضب حيثما ازدهرت ونمت.
تأسيساً على ما تقدم، فالبلاد العربية تمتلك في الغالب مقومات سياحية مهمة كالآثار والمواقع الدينية والسواحل المشمسة والمناطق الجبلية وغيرها إلا أن توزيعها يشير إلى انفراد كل بلد بجانب من تلك المميزات. وهذا بحد ذاته يعد ميزة تتيح للسياحة خيارات لأنواع مختلفة من الأنشطة السياحية.
تأسيساً على ما تقدم فالنظرة التنموية بأبعادها الاستراتيجية والإدارية تتطلب إيلاء صناعة السياحة العربية اهتمام الحكومات والقطاع الخاص بما يجعلها قادرة على المنافسة والمساهمة بتحسين الدخل القومي وتوفير فرص عمل حقيقية فضلاً عن دورها الحضاري في تأمين أرقى حالات التواصل والتفاعل بين ثقافات الشعوب.
حققت السياحة الدولية نمواً متسارعاً اعتباراً من عقود الستينات والسبعينات والثمانينات، حيث حققت نمواً مثيراً واستطاعت بعض الدول النامية أن تستفيد بشكل متزايد من النمو السياحي العالمي. بينما يحاول البعض الآخر، وهي تلك التي تفصلها مسافات بعيدة عن الأسواق المصدرة للسياحة، الاستفادة من النمو السياحي العالمي ومن التطورات السريعة في النقل الجوي والبحري والبري. فلقد أضحت السياحة صناعة متكاملة تتضمن التخطيط والاستثمار والتشييد والتسويق والترويج. وهي صناعة متعددة المراحل تتفاعل مع بل تعتمد على قطاعات الاقتصاد الأخرى، وبالتالي تعتبر عاملاً مساعداً لعملية التنمية الاقتصادية خصوصاً في مجال البنية التحتية للاقتصاد.
ومما لا شك فيه أن، مستوى أداء القطاع السياحي يعتمد بشكل مباشر على زيادة الإنتاجية في القطاعات التي تتصل به والخدمات التي تتفاعل معه، ومنها مرافق النقل، وشبكات الاتصالات، وخدمات الكهرباء والمياه، وحتى القطاعات المنتجة مثل القطاع الزراعي والصناعي. فلا يكفي تطوير المواقع السياحية الحديثة إذا كان من المتعذر الوصل إليها أو كانت تفتقر للخدمات الأساسية. وعلاوة على ذلك، فإن قطاع السياحة يجلب الاستثمار اللازم لتطوير الخدمات الأساسية في المناطق المجاورة للمواقع السياحية، وبالتالي يعطي حافزاً لتنمية القطاعات الأخرى.
فلا جدال في أن هناك علاقة وثيقة بين تنمية قطاع السياحة والتنمية الاقتصادية بمفهومها العام. فقد اهتمت البلدان المتقدمة بتطوير وتحسين مستوى الخدمات الأساسية التي تتفاعل مع تنمية قطاع السياحة، مثل النقل والاتصالات، والمياه والكهرباء، والخدمات الصحية. كما قامت هذه البلدان بتوفير أسباب الجذب السياحي الإضافية لتلبية احتياجات مختلف فئات السياح. وبفضل الجهود التي بذلتها للتوسع في تسويق السياحة وترويجها، ازداد عدد السياح الوافدين إليها.
أما البلدان النامية ورغم تمتعها بميزة نسبية من حيث جذب السياح، لا سيما من حيث مواقع السياحة الثقافية وأسعارها المنخفضة، إلا أن نصيبها من السياحة العالمية لا يزال أدنى بكثير من إمكانياتها، لأن قطاع السياحة في هذه البلدان لا يزال يواجه قيوداً كبيرة منها قلة الاستثمارات في البنية التحتية والخدمات الأساسية، ونقص الكوادر البشرية المتخصصة؛ بل أهم من ذلك: الافتقار إلى سياسة موجهة لتنمية السياحة وتسويقها. وباختصار يمكن القول أن القطاع السياحي في البلدان النامية لم يلقى الاهتمام اللازم الذي يستحقه كقطاع اقتصادي هام مدر للعملات الأجنبية وخالق لفرص العمل.
ويحتاج تطوير قطاع السياحة إلى نظرة طويلة الأجل تكون جزءً من عملية التنمية الاقتصادية، نظراً للترابط بين السياحة وسائر القطاعات الاقتصادية الأخرى. والتنمية الناجحة للسياحة في أي بلد يجب أن تركز على المجالات التي يتمتع فيها هذا البلد بميزة نسبية، مثل السياحة الثقافية وسياحة الآثار، والسياحة الترفيهية، والسياحة الدينية، وسياحة المؤتمرات والتدريب، ليتمكن من التنافس في أسواق السياحة العالمية. وعلاوة على ذلك، يتطلب تطوير السياحة توفر الإرادة السياسية بتنمية القطاع وإخضاعه لتشريعات منفصلة تسعى إلى تحقيق أهداف السياحة في البلد وتطورها.
ولقد تسارع تطوير قطاع السياحة في الوطن العربي خلال السنوات القليلة الماضية في إطار الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد. ويعد هذا القطاع مصدراً هاماً للعملات الأجنبية ولفرص العمل، ومن ثم تأكد بوضوح أثره العام على الاقتصاد. كما يساعد قطاع السياحة على تطوير غيره من القطاعات، خاصة قطاعات البنية التحتية مثل النقل والاتصالات، والكهرباء والمياه، والخدمات المالية، والزراعة والصناعات التحويلية.
ولا يخفى على أحد، أن قطاع السياحة في الوطن العربي عرضة للتأثر بالتطورات السياسية السائدة في المنطقة، ولا سيما التطورات في عملية السلام. وسيظل غياب السلام الشامل عائقاً رئيسياً أمام تنمية قطاع السياحة وتوسيعه في بلدان المنطقة. وتشكل ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية المتصلة بها عائقاً آخر أمام سرعة نمو السياحة في المنطقة. وفي الوقت ذاته، يعتبر ظهور أسواق سياحية جديدة في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في جنوب آسيا وشرقها، مصدراً للمنافسة الحادة للأسواق السياحية في البلدان العربية. فقد تمكنت الاقتصادات الآسيوية السريعة النمو من النجاح في توسيع أسواقها السياحية التي تعتبر حالياً أسرع الأسواق السياحية نمواً في العالم. كما ظهرت أسواق سياحية ذات قدرة كبيرة على المنافسة في الصين وماليزيا وسنغافورة وتايلاند وهونج كونغ. وتندرج الصين وماليزيا في عداد أكبر 20 بلداً مستقبلاً للسياح. وكان نصيب الصين من السياح في عام 1996 أكبر من نصيب المنطقة العربية ككل، فقد ارتقت إلى رتبة خامس بلد في استقبال السياح بعد أن كان ترتيبها الثاني عشر في عام 1990؛ وازداد عدد السياح الوافدين إليها بنسبة 47% في الفترة من 1990 إلى 1996.
وتتنوع السياحة العربية حسب الدول ، وتعد جمهورية مصر العربية والمغرب العربي من أكثر البلدان اعتماداً على السياحة ويوجد بها أكثر الأماكن الأثريية والطبيعية للسياحة ، كما أن الشام لها جانبها المميز في هذا القطاع .
]